في عمق الزمن، وبين تعرجات الرمال وجريان الوادي، كُتبت أولى فصول حكاية بوسعادة.
ليست المدينة وليدة صدفة جغرافية، بل ابنة التاريخ، وواحة الحضارات المتعاقبة، من البربر والعرب، إلى العثمانيين والفرنسيين، وصولًا إلى زمن التحرير والاستقلال.

🗿 الجذور القديمة

ترجع أصول بوسعادة إلى ما قبل الفتح الإسلامي، إذ كانت منطقة عبور واستقرار لقبائل زناتة وهوّارة، ثم أصبحت في العهد الإسلامي محطة رباط وعلم، يشهد على ذلك بقايا المساجد القديمة والزوايا المنتشرة في المدينة.

🕌 العهد الإسلامي والعثماني

خلال القرون الوسطى، شهدت المدينة ازدهارًا ملحوظًا بفعل موقعها الاستراتيجي، وأصبحت ملتقى القوافل التجارية والدعوية القادمة من تلمسان، الأغواط، وبسكرة.

في العهد العثماني، نُظّمت المدينة إداريًا وتوسّعت زواياها الصوفية، خاصة زاوية سيدي ثامر التي شكّلت نواة دينية وثقافية راسخة في الوجدان المحلي.

🇫🇷 الاستعمار الفرنسي… الحصار والمقاومة

مع دخول الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، وُضعت بوسعادة تحت سلطة عسكرية صارمة.
أُنشئت ثكنات وقلاع، وتم تحويل قصر المدينة إلى مقر إداري.
ورغم محاولات طمس الهوية، بقيت المدينة معقلاً للمقاومة الثقافية والدينية، عبر الزوايا والتعليم العربي الإسلامي.

🔥 بوسعادة وثورة التحرير

خلال ثورة نوفمبر 1954، لعبت بوسعادة دورًا مهمًا كمركز دعم وإسناد للمجاهدين في المنطقة السادسة (الولاية التاريخية الأولى).
منها خرج العشرات من الشهداء أبرزهم كمال أيلي ورفاقه، والعديد من الخلايا التي ساهمت في التنسيق الميداني.

• كانت بعض أريافها ملاذًا للثوار.

• ساعد أبناؤها في إمداد الجبال بالسلاح والمؤونة.

• تحوّلت الزوايا والمساجد إلى فضاءات تعبئة وتوعية.

🕊️ بعد الاستقلال: بناء الدولة والهوية

عرفت بوسعادة بعد 1962 إعادة هيكلة عمرانية واقتصادية تدريجية، وتم الاعتراف بأهميتها التراثية والسياحية، خاصة في ثمانينيات القرن الماضي.
ورغم تعثرات التنمية في بعض المراحل، بقيت المدينة محافظة على نسيجها الأصلي وقيمها الروحية.

اليوم، وهي تحمل صفة ولاية منتدبة، تطمح لأن تتحوّل إلى قطب تنموي وسياحي وثقافي يليق بماضيها المجيد.

🖼️ الصورة المرافقة للمقال

صورة بالأبيض والأسود أو قديمة تظهر:

القصبة القديمة أو قصر فيريرو أو أحد شوارع المدينة في زمن الاستعمار/الثورة

📚 المراجع:

• مذكرات المجاهدين المحليين

• وثائق أرشيفية من الأرشيف الوطني الجزائري

• شهادات من زاوية الهامل وزاوية سيدي ثامر

• مقالات جريدة “الشعب” و”المجاهد” حول الثورة في بوسعادة

• مقابلات ميدانية مع قدماء المحاربين وأبناء الشهداء