في لقطةٍ نادرةٍ تختزن عبق الماضي، تنطق الصورة بتاريخٍ حيٍّ من ذاكرة مدينة بوسعادة الجميلة. إنها ملامح سوق المدينة القديم – الطرابندو، أحد أشهر الفضاءات الشعبية التي شكّلت نبض الحياة التجارية والاجتماعية في ستينات وسبعينات القرن الماضي.
كانت الساحة آنذاك تعجّ بالحركة، حيث يفترش الباعة الزرابي القديمة ليعرضوا سلعهم البسيطة، من أدوات تقليدية وقطع مستوردة عبر المسالك الشعبية، في زمنٍ كان الاقتصاد المحلي يعتمد على المبادلة والثقة وروح الجوار.
تظهر في الصورة بوضوح معالم فندق ( لاريو ) العريق، والمباني ذات الأقواس البيضاء التي زيّنت وسط المدينة، بينما يطلّ جبل كردادة في الأفق كحارسٍ لذاكرة المكان ووجدان أهله.
رجالٌ ببرانسهم البيضاء وجلابيبهم التقليدية، يرمزون لوقار الإنسان البوسعادي وعمق انتمائه، ونساء وأطفال يتنقلون في السوق بطمأنينة تامة… مشهد يعكس بساطة العيش وصفاء العلاقات الاجتماعية التي ميزت بوسعادة في ذلك الزمن الجميل.
الصورة ليست مجرد أرشيف؛ إنها وثيقة نابضة بالحنين، تروي فصلاً من فصول المدينة التي جمعت بين الأصالة والحداثة، واحتفظت بذاكرتها رغم تغيّر الزمان والمكان.
رحم الله من مرّ من هنا، وبارك في من حفظ الذاكرة وصان الصورة.
